PDA

Bekijk Volledige Versie : فنان عراقي يشتعل وينطفئ في أمستردام



noisete
14-05-08, 10:08
ممثل واحد يتأرجح، أو يتمزق، بين شخصيتين، والعلاقة بينهما تتأرجح هي الأخرى بين الصداقة والتهكم، كل شيء يتأرجح بين- بين. خمسون دقيقة من التأرجح والتمزق، خمسون دقيقة من السير على الحافة: قدم هنا وقدم هناك. مسرحية "اشتعال- انطفاء"، التي كتبها ومثلها الفنان العراقي المقيم في هولندا صالح حسن فارس، وأخرجتها الفنانة الهولندية من أصل سويدي، غيتا هاخام، هي مسرحية الأسئلة المفتوحة والخيارات غير المحسومة.. مسرحية عن التردد والتمزق بين مكانين، بين زمانين، بين ذاكرتين.. حيث السير على الحافة حتى النهاية.




ملصق المسرحية

"اشتعال- انطفاء" حكاية يمكن لكل مهاجر أن يتعرف فيها على ذاته، على مشاعر الخيبة والتمزق بين عالمين، التمزق بين رغبة البقاء ورغبة المغادرة، بين الدخول وعدم الدخول. ينشطر الرجل المهاجر إلى شخصيتين، أو بالأحرى إلى قناعين: قناع المهرج، وقناع الراوي الذي يحكي لنا قصة "صديقه" -المهرج- جاعلاً الصداقة في مساحة غامضة بين الجدية والتهكم. المهرج، أو بالأحرى الرجل الذي يتخذ قناع المهرج، حالم، هارب من بلاده (بغداد، كما يخبرنا الراوي) محملاً بأحلام بيضاء عن الفردوس الأرضي (هولندا؟). لكن المهرج الحزين والحالم يبدأ حكايته بالقول إنه يريد مغادرة هذا الفردوس البارد، لكنه لا يستطيع، فهو يريد أيضاً البقاء إلى جانب حبيبته المدفونة في قبر يقع على حافة المدينة، ولن يغادر إلا إذا تمكن من اصطحاب القبر معه.



كل ما يربط الرجل بالمكان الحالي (الفردوس)، هو قبر على حافة المدينة، وذكريات غامضة عن حبيبة كان يلتقيها في حانة على حافة المدينة أيضاً. كل قصة الحب بينهما جرت على "الحافة" لم يتمكن يوماً من التوغل معها في أعماق المدينة/ الفردوس، ولم تتمكن هي الأخرى يوماً من أن تغادر حدود مدينتها، لتكتشف عالم حبيبها.



نقطة تحول

قصة المهرج، العاشق، الحالم، الهارب من الحرب، والمقيم على حافة المدينة/ الفردوس، هي بشكل أو بآخر قصة الفنان صالح حسن فارس، أيضاً. خطا الفنان صالح حسن فارس، الذي يعيش في هولندا منذ عشرة أعوام، خطوات كثيرة في مسيرته الصعبة، لاكتشاف العالم الجديد الذي يعيش فيه، ليس على مستوى الحياة اليومية فحسب، بل بالدرجة الأساس على المستوى الفني والثقافي. مثلما في حالات معظم المسرحيين العرب الذين يعيشون في الدول الأوربية، تقف اللغة الأجنبية حاجزاً يكاد يكون عصياً على الاختراق، من أجل الوصول إلى المشاهد، ومن أجل خلق نقاط التماس والتواصل، مع المسرح الأوربي، وجمهوره. قدّم في البداية أعمالاً باللغة العربية، وكان جمهوره بالدرجة الأساس من المهاجرين أيضاً. ثم حاول استثمار طاقة الجسد والصورة، لتقديم أعمال لا تلعب فيها اللغة دوراً مهماً. بعد ذلك خطا خطوة أبعد، وقرر تقديم أعمال باللغة الهولندية، للتواصل مع الهولنديين، من فنانين، وجمهور. فعل ذلك أولاً في مسرحية "أين الهناك" التي عرضت أكثر من مرة، كما في عدة عروض فردية قصيرة، قدمها في مواقع "شبه مسرحية".



لكنه يعتبر عمله الأخير هذا "اشتعال- انطفاء" نقطة تحول في تجربته المسرحية، يقول "تعلمتُ الكثير من هذه التجربة، الحوار مع الهولنديين والتمثيل باللغة الهولندية، انها مجازفة ومشاكسة، أنا اخترتها ولابد أن استمر فيها وأدافع عنها. أريد أن أقدم نفسي للهولنديين كفنان مسرحي عراقي يمكنني أن اعمل وأستفيد من تراثي العراقي والإسلامي بإطار هولندي كوني أعيش في هولندا، البلد المتطور حضارياً وفنياً."





عناصر جديدة

يحبّ صالح حسن فارس أن يعقد مقارنات كثيرة بين تجاربه المسرحية السابقة، ذات الملامح العراقية، وتجربته الجديدة التي كانت معظم عناصرها "هولندية" بسبب عمله مع مخرجة هولندية، وفي إطار مؤسسة فنية هولندية. النتيجة التي يخرج بها من المقارنة تجعله يميل أكثر إلى العناصر الجديدة التي أضيفت إلى خبرته المسرحية: "تعملتُ أن أركز على المحتوى بالدرجة الاولى لا الشكل." ويوضح ما يقصده بهذ المقارنة " تخلصتُ من بعض الحركات المتكررة في المسرح والاعتماد على النص وحضور الممثل الواحد في قاعة المسرح وتخلصت من الصراخ والإشارة أو التوضيح بالايدي أو حالات الغضب والحزن التي توجد في بعض الاعمال العراقية المسرحية، وكذلك تعلمتُ الاقتصاد بالحركات والاشارة والميم، والاسترخاء في نقل الحوار وعدم التشنج غير المبرر. أضافت لي هذه التجربة القدرة على ضبط النفس ومعرفة قوانيين المسرح وتفاصيله التي تبدأ من الاداريات الى تذكرة شباك التذاكر التي لم نعتد عليها في الوطن."



قـُدّمت مسرحية "اشتعال- انطفاء" على قاعة مسرح "دي بالي"، وهي جزء من مركز ثقافي مرموق وفعال، في وسط العاصمة الهولندية أمستردام. وقد امتلأت القاعة بشكل كامل بالجمهور، إلى درجة أن بعض الراغبين بمشاهدة العمل لم يتمكنوا من ذلك، بعد أن بيعت جميع التذاكر. لا يخفي الفنان صالح حسن فارس سعادته بهذا الحضور الكبير، ويقول "إن امتلاء القاعة دليل على أنني بوسعي أن استمر وقد أعطاني الثقة الكافية بالنفس والمسوؤلية الاكبر بالاستمرار بالطريق الوعر محاولا أن أتجاوز العقبات التي تقف بالطريق وأحاول أن أتجاوزها."


مفردات البحث: اشتعال-انطفاء، العراق، صالح حسن فارس، غيتا هاخام. ، هولندا